ديوان المعاني/من كلام الفلاسفة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

من كلام الفلاسفة

من كلام الفلاسفة - ديوان المعاني

من كلام الفلاسفة قال أرسطاطاليس:ليس الحاجة إلى العقل أقبح من الحاجة إلى المال. وقيل له: ما أشد الأشياء على الأحمق ؟ قال السكوت. وقيل له: ما أحسن الأشياء ؟ قال: الانسان المزين بالأدب. وقال: العقل سبب تنغيص العيش. وإلى هذا المذهب ذهب ابنٍ أبي البغل في قوله:

الصَّعْو يَصْفِرُ دائبا ولأجله

حُبِس الهزازُ لأنه يترنّمُ

لو كنتُ أجهلُ ما علمتُ لسرّني

جهلي كما قد ساءني ما أعلمُ

وقال المتنبي:

ذو العقلِ يشقى في النعيمِ بعقلهِ

وأخو الجهالةِ في الشقاوة ينعَمُ

وقلت:

أواصِلُ الهمِّ في ضيقٍ وفي سعةٍ

كأنّ بيني وبينَ الهمِّ أرحاما

إن إمرأً عظمتْ في الناس همته

رأى السرورَ جوىً والوفر إعداما

وقلت:

وأكثرُ حالاتِ الزمانِ يغمني

وليس لغمِّ العارفينَ مفرج

ورؤي الحسن البصري حزيناً، فقيل له في ذلك فقال:غمى مكتسبٌ من عقلي، ولو كنت جاهلاً، لكنت في راحة من عيشي. وافتخر قومٌ بالمال عند فيثاغورس فقال:وما حاجتي إلى المال الذي يعطيه الحظ ويحفظه اللؤم، ويهلكه السخاء. وقيل له ما أصعب الأشياء على الانسان ؟ قال:أن يعرف قدر نفسه ويكتم سره. وقال بعض أهل الهند:ليس شيء أعرف بنفسه من الإنسان ولا أجهل بها منه. وقيل لسقراط أي السباع أجمل ؟ قال المرأة. ومن التشبيه المصيب، قول سقراط لرجل استشاره في التزويج:إن المتزوجين مثل السمك الذي يصاد بالقفاف، فما حصل فيها يروم الخروج منها وما كان خارجاً يبغي الدخول فيها. وقيل لرجل منهم ما سبب موت أخيك ؟ قال كونه. ومثل ذلك أخبرني به عم أبي أبو سعيد الحسن بن سعيد أظنه عن أبيه قال: ورد البريد إلى المأمون من خراسان بموت ابن المؤيد، فاستدعاه وجعل يعظه ويعزيه من غير أن يذكر له المصيبة، فقال المؤيد: لا عهد لي من أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام فما السبب فيه ؟ قال: مات ابنك، قال قد عرفت ذلك، قال: ومتى عرفته وما سبق البريد خبرٌ ؟ قال: عرفت ذلك يوم ولد. فعجب المأمون من فهمه، وقال بمثل هذا قدمتك هذه العصابة وجعلتك قوام دينها ومفزعها فيما ينوبها. وقال بعضهم:حب المال وتد البلايا. وقال سقراط:اللذة خناق من عسل. وقيل لجاوس: توفي مانيدس. فقال: الويح لي قد ضاع مسن عقلي. وقيل له ما أحلى الأشياء ؟ قال: الذي تشتهي. وقريب من قول الأعرابي:

وقلة ما قرت به العين صالح

وقال سقراط:الحظ في إعطاء ما لا ينبغي ومنع ما ينبغي سواء. ومثل ذلك قول طاهر بن الحسين:التبذير للمال ذمة، كحب التقتير فاجتنب التقتير، وإياك والتبذير. وقريب منه قول العربي، وقد قيل له: إن فيك إمساكا، فقال: لا أجمد في حق ولا أزور في باطل. ورأى بعضهم شاباً جاهلاً جالساً على حجر فقال هذا حجر على حجر. ونحو هذا قول بعض المحدثين:

ما أن يزالُ ببغدادِ يزاحمنا

على البراذينِ أمثالُ البراذين

وقلت وقد رأيت غلاماً طريراً يخدم لئيماً دميماً:

إن كنتَ ترتادُ منظراً عجباً

فانظر إلى البدر في يدِ القردِ

وانظر إلى الضبِّ كيف يفترسُ الظب

يَ على مرقدٍ من الوردِ

وذُمَّ دهراً يفيضُ أنعمه

على اللئيم المذممِ الوغدِ

وانظر إلى حمرة وأنته

فوقَ مُتونِ السوابحِ الجردِ

فأسخنَ الله عينهُ زمناً

ماذا أرى في تجنبِ القصدِ

وقال بعض اليونانيين للاسكندر: أخلاقك تجعل العدو صديقاً، وأحكامك تجعل الصديق عدواً، ويشهد عدم مثلك فيما كان، بعدم مثلك فيما يكون. وقال بعض حكمائهم لمتكبر: وددت أني مثلك في نفسك، وأن أعدائي مثلك في الحقيقة. وقريب من هذا المعنى قول علي رضي الله عنه لبعض أعدائه وقد مدحه: أن دون ما تظهر بلسانك، وفوق ما تضمر في جنانك. وقيل لبطليموس: ما أحسن أن يصبر الانسان عما يشتهي ؟ قال: أحسن منه أن لا يشتهي إلا ما ينبغي. وقال أرسطاليس:إنك إن لم تصبر على تعب التعليم، صبرت على شقاء الجهل ما بقيت يخاطب جاهلاً. ^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي