قد محا آية الشباب المشيب
أبيات قصيدة قد محا آية الشباب المشيب لـ المؤيد في الدين

قَدْ مَحَا آيَة الشَّبَابِ المشِيبُ
ودَنَا للحِمَام منى الرقيبُ
ضَعْفُ جْسمٍ ووَهنُ عظمِ ولونٌ
قدْ بَدَت فيه صُفْرَةٌ وشُحوبُ
وجَمَالٌ سُلِبتُهُ وَبَهاءٌ
طِيبُ عَيْشٍ بِسَلْبِهِ مَسْلوبُ
وسوادٌ بُدِّلتُ منه بياضا
هُو في العين أسود غِرْبيبُ
كلُّ هذى دلائلٌ بَيِّنَاتٌ
واضحاتٌ أنَّ الرحيل قريب
أتُرَاني ذاك الذي كنت قِدْماً
أم سِواه فإن شَانى عَجيِبُ
أين منى إنْ كنْتُ مَن كنت عود
ناضرٌ زاهرٌ وغُصْنٌ رَطِيبُ
وجَمَالٌ في القَدِّ واللَّفْظِ واللَّحظ
خَلَوبٌ لكل قَلْب نَهْوبُ
ويدٌ لم تَزَلْ تَطُولُ بِبأس
كم ثنى دونها العِنَانَ الخُطوبُ
ولسانٌ في حَلبَةِ النَّظْم النَّثر
بأبكار كل مَعْنًى لَعُوبُ
وَجنَانٌ يَلْقَى المنَايا كِفَاحاً
ويُلاَقِى الضِّرْغامَ وَهْو غَضُوبُ
قد توَلَّى جَمِيعهُ وتَقَضى
فَقُصَاراىَ مِنْهُ دَمْعٌ صَبيبُ
وفُؤَادٌ مِنْ حَسْرَةٍ يَتَقَلىَّ
وهْو من صرف دَهْره ِمنكوب
قَدْ تولى فَلَيسَ يَنْفَعُ راَقٍ
وتَقَضَّى فليس يُغْنِى طَبيبُ
أنا في دار غربَةٍ وَحقِيقٌ
غَيْرُ بدْع إنْ ذَلَّ فِيهَا الغَريب
دارُ جهْدٍ ومحنةٍ وبَلاء
بالاذى طِيبها الزمان مشوب
عُرْفُهَا النُّكرُ حُلوها المرُّ فحش
فِعْلُها كلُّ وَعْدِها مكْذُوبُ
عزُّها الذُّل جُودُها البُخل عسرٌ
يَسْرُها كلُّ شأنها مَقْلوبُ
دَار عَيْبٍ تَركَّبَ الِجْسُم منها
فهو شَيْنٌ كِمْثلِها وعُيُوبُ
َهمُّهُ ما يدوم أكلٌ وشرْب
وَمَداه قصْفٌ ولهْوٌ وطِيبُ
شَاِئبٌ قَدْ حَوَى نَفَائصَ شَتى
فاضحاتٍ بَشْيِبهِ ما تَشِيبُ
طَعَماً عِقدُه قَوىٌّ وثيق
ومُنًى لُبْسُها طَرىٌ قَشيبُ
يَتَمادَى في سُكْرهِِ والمنَايا
شرَكٌ لاْختَرَامِه مَنْصُوبُ
آه من شِرة الهوى إن عقلي
مُسْتضَامٌ مِنَ الهَوى مَغْلوبُ
آه مِنِّي فالظُّلمُ مِنيَّ لنفسي
ما عَدَاني عَذْلٌ ولا تَثْريبُ
ِلمْ ضيَّعْتُ في الغواية عمْري
ومَجَالي من الرَّشادِ رَحِيبُ
لمْ أُعنَّى بِمُظْلم الجسم مني
وكأني به تُراب تَريب
وأضيع النور الذي أنا من
ه لِلكِرام المُقَرَّبين نسيب
أمُذِلٌ دُراً نفيساً مُعِزٌ
صَدَفاً هيناً خسيساً أريب
ما عداني مما بدا أجنَابٌ
كجَنَابي من الوَلاءِ خَصِيبُ
ما اعتذاري ودَعْوةُ الحقِّ شخصٌ
أنا مولوُدُ حِجْرِه والَّربيبُ
ما اعتذاري ومنزلي الحَرمُ الآ
مِنُ مَنْ لم يَلُذْ به مَرْعُوبُ
وبنوا أحمد الرِّضي وعليِّ
عُدَّتي للمآبِ حين أءُوب
الموالي الازكَوْن فَرْعاً وأصلا
كلُّ مَجْدٍ من مَجْدِهم مكسوبُ
الموالي مُحْيُو العِظام البوالي
مَنْ لذكراهمُ تُذلُّ الصُّعوب
المولى مِنَ القُرون الخَوَالِي
والبواقي كل إليهم يئوب
يَقْسِمونَ الِجنانَ والنَّار فيهم
فلكل نصيبه المَوْجُوبُ
وهُمُ المُستَجارُ إذ لا مجيرُ
ومجيبو المضطر إذ لا مَجيب
الهداة الثقات حرز الموالين
إذا ما أظلَّ يَوْمٌ عَصِيبٌ
البحور البدور لم تَلْقَ نقْصاً
مِنْ نُضُوبٍ ولم يَشُنْها غُروب
منهمُ ظل رحمة الله ممدو
د وماءُ الهُدى بهم مَسكُوبُ
جَبلُ الطُّور منه نسمع نجوى الل
ه فينا وعنه تَبْدُو الغُيُوبُ
وعُيونُ الرحيق نشْرَبُ منها
وأخُو الغِي للحميم شَرُوبُ
يا بني المصطفى إليكم إليكم
في المُلمَّات يَفْزَعُ المكْرُوبُ
يا بني المصطفى لديكم لديكم
أملٌ في نفوسنا مَطْلوبُ
أنتُمُ أنتُمُ الغِياث إذا ما
أوْ بَقَتْ ذا الذُّنوبِ منَّا الذنوبُ
أنتُمُ أنتُمُ الغياث إذا ما
حان حَينٌ لنا وآن مغيبُ
يا مواليّ كيف أثني عليكم
وقصارى من ثنائي لغوب
قَدْ خُلِقتمْ من طينةٍ وخُلقنا
نحنُ منها لكنْ بَدَا ترتيبُ
إن أجسَامكم لناشئة الطِّينِ
الذي منه شقَّ منا القلوب
فَعِذيري إن لم أطِقْ مَدْح قوم
ذا لديوانِ مَدْحهم تشْبيبُ
وعليهم صلى إله البرايا
ما هَمى من سَحابةٍ شَؤْبوبُ
وعلى من يلي الوراثة منهم
ومناب الهُدَاةِ منهم يَنُوبُ
الإمام المُحيى لمن قد دَعاهُ
فهنيئاً ِلمَنْ له يَسْتَجيبُ
خَيْرُ راع مُسَلَّمٌ مَا رَعاهُ
والذي مَا رَعى رَعاهُ الذِّيبُ
والكتابُ النطوق بالحق والصد
ق وعنه يُكَشَّفُ المَحْجوبُ
الإِمامُ المُستَنْصِر العدلُ موْلا
نَا سرَاجُ الدُّجى النَّسيبُ الحَسيبُ
ذاك مولى له الموالى عبيد
مثلُ نحْل خَلا لها يعسوب
وَهو يجْلو دِينَ الهُدَى ويُجلي
غَيْهَب الشَّكِّ منه وهو مُريبُ
للموالي القِدْحُ المُعَّلى من الدِّي
نِ كما السهمُ في التُّجاهِ المُصيبُ
ومُعَاديهِ دِينُه جاِهلي
مَالهُ في جِنَانِِ عَدْنٍ نَصيبُ
ِهبَهُ الله إن يَكُنْ لكَ حَرْباً
صَرْفُ دَهْرٍ فَأَنتَ منه حريب
وبسيف الَجفَاءِ مِنْ كلِّ وغْدٍ
أنتَ في كلِّ حَالةٍ مَضْرُوب
فلأنت الأعلى فصبراً جميلاً
إن ذا الصبر في البلاءِ نجيب
شرح ومعاني كلمات قصيدة قد محا آية الشباب المشيب
قصيدة قد محا آية الشباب المشيب لـ المؤيد في الدين وعدد أبياتها أربعة و ستون.
عن المؤيد في الدين
هبة الله بن أبي عمران موسى بن داؤد الشيرازي. ولد في شيراز سنة 390 وقد كان باكورة أعماله اتصاله الملك البويهي أبو كاليجار الذي أعجب به واستمع إليه، وحضر مجالس مناظرته مع العلماء من المعتزلة والزيدية والسنة. خرج المؤيد إلى مصر سنة 439. وقد كان من ألمع الشخصيات العلمية والسياسية التي أنتجها ذلك العصر، فقد كان عالماً متفوقاً، قوي الحجة في مناظرته ومناقشاته مع مخالفيه. قال عنه أبو العلاء المعري: والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه. وقد تمكن من إحداث إنقلاب عسكري على الخليفة العباسي القائم بأمر الله سنة 450 وأجبره على مغادرة البلاد ورفع راية الدولة الفاطمية فوق بغداد. ومن ذلك كله استحق لقب داعي دعاة الدولة الفاطمية.[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب