قلب يوسوس في الصدور ويخنس

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة قلب يوسوس في الصدور ويخنس لـ جرمانوس فرحات

اقتباس من قصيدة قلب يوسوس في الصدور ويخنس لـ جرمانوس فرحات

قلبٌ يوسوس في الصدور ويخنسُ

مكراً ونفسٌ للسرائر تَحبسُ

وطبيعةٌ طبعت على كدرٍ فما

لصلاحها إلّا زمانٌ مُتعِس

فكأنها في الربح أشعبُ عصرها

والدهر عما قد يفيها أَقْعس

تزداد همّاً كلما ازدادت غنىً

كالبدر يخسف في الكمال ويَعبس

ماجاءها مستمطرٌ إلّا وقد

أسقته من مكرٍ كغيثٍ يَسلَس

إن الذي يبغي موارد صفوها

جهلاً فعند صدورها يتوسوس

يرجو الأماني أن تفيه بوعدها

بينا نرى يرجو وفاها ييأس

كالزهر يبدو للعيون مورَّداً

بيننا تراه يميس غضّاً ييبس

فالغدرُ شيمتُها ولو صدقت أبت

والصدق منها بالخلاف ملَبَّس

تشكو العنا ضعفاً ولكن كذبها

أدرى فهل لي من فتىً يتفرَّس

فكأنها لمقاصدي وكأنني

شاءٌ يمزقهنَّ ذئبٌ أطلس

فاحذر أُخَيَّ ولا تثق بصفيرها

ما بين أشجار الأماني يَخنُس

فاجعل مواعيد الطبيعة بيننا

منسيةً دُرِست وأخرى تدرس

فكأنها في وعدها وبخُلقها

أقوال عرقوبٍ تلين وتَيبَس

فاحذر طبيعتك التي في عينها

عمشٌ يكدِّرها تُفيقُ وتَنعس

وتريك نقصَ الكاملين بمقلةٍ

وراء تحسدها الجواري الكُنَّس

فالحكمة الغراء تجهل حدها

منها وآرسطو لديها أخرس

كم من حكيمٍ جاء مأسوراً بها

قسراً ولا يدري لماذا يَدرس

عميت بصيرتُه بعلمٍ مُعجَب

عن علمها الشرعيْ فكيف يُهندس

فمحبة الذات استغشَّته متى

عنها تجرد عاد عنها يوكَس

يا راهباً ترك الطبيعة خلفه

متنكباً عنها وعنها أقعَس

لم لا تكذِّبُها متى ما حدثت

بالسوء إن السوء فيها يَهجِس

فعلام تجهلها وإنك راهبٌ

وعلام تسمعها وأنت مُقَلنَس

أعطيت في علم الطبيعة خبرةً

لم تعطها الحُكَما وأنت تُدلِّس

كم راهبٍ ضحكت عليه عندما

آلامُها فيه عليه تؤسَّس

ينقاد معْها طائعاً لعِنانها

مهما تقلْه قال هذا الأنفَس

يعصي الإله ونذرَه ورئيسه

ويطيعها فهيَ الرئيس الأرأس

لو كان يبغض ذاته ويذمها

ما كان أصبح كافراً يتوسوس

للَه درك راهباً ومجاهداً

يقظاً حكيماً لا ينام وينعس

ملك الطبيعة فهي قيد مراده

مأمورةٌ منه فلا يَتَسَجَّس

إن شاء يلزمها إماتتَها تَمُت

أو شاء يحبسها بذلٍّ تُحبَس

فجهادُها وسلوكها متوقِّفٌ

منها على عقلٍ رصينٍ يَحرُس

فاللَه قد قسم الحظوظَ لخلقه

فاسمع مُصيخاً ما تلاه بولُس

يُوداسُ مات بذنبه وخَطائه

وحَظي بتوبته أخوه بُطرس

إن شئت فاسأل طاعةً تسمع إذاً

ماذا يجيبك يوسفٌ أو يونس

إن العوالي للمعالي معقلٌ

بفضائلٍ خضعت لديها الأرؤس

فصلاحها وطلاحها كصوارمٍ

بيضٍ تسيل على ظُباها الأنفس

أنفاسها مسكيةٌ وحواسها

نَسكيَّةٌ منها الأعادي تُخفَس

كذب الذي قد قال وهو المفتري

السيف أصدق من كتابٍ يُدرَس

فالسيف معناه الطبيعةُ نفسُها

أما الكتاب فشرع ربٍّ يَرؤس

إن الطبيعة علَّةٌ لحياتنا

والموت فيها حاكمٌ مترئِّس

كالجسم ينمي بالحرارة قوةً

وبما ترى أنفاسه تتنفس

وبها يعود إلى التلاشي ميتاً

كالنار من بعد اشتعال تُرمَس

لا تركننَّ إلى طبيعتك التي

من شأنها تبدو بأُنسٍ يؤنِس

يا ليتها كانت ترى آلامَها

هيهات إن الحس منها مُفلس

تتسربل الكذب الفظيع كأنه

ثوبٌ يسهِّمه طِرازٌ سندس

حتى إذا رأستك بثت سمها

والسم يعقبه هلاكٌ مُتعس

فاحذر رئيساً حاد عن تهذيبه

تَغوَى الرعية حين يَغوى الريِّس

ربّي أجرنا من رئيسٍ مفسدٍ

يطوي رداء الحق ثم يدلِّس

بشفاعة العذراء مريم إنها

باب الرجا ومن الأعادي محرَس

قد قدست قبل الخلائق كلهم

واللَه منها الخالق المُتأنِّس

بِكرٌ دعاها اللَه قبل كيانها

وبمدحه وثنائه تتقدس

لبست رداءَ المدح منه كاملاً

ولمدحنا في كل يومٍ تَلبَس

شرح ومعاني كلمات قصيدة قلب يوسوس في الصدور ويخنس

قصيدة قلب يوسوس في الصدور ويخنس لـ جرمانوس فرحات وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.

عن جرمانوس فرحات

جبرائيل بن فرحات مطر الماروني. أديب سوري، من الرهبان، أصله من حصرون (بلبنان) ومولده ووفاته بحلب. أتقن اللغات العربية والسريانية واللاتينية والإيطالية، ودرس علوم اللاهوت، وترهب سنة 1693م ودُعي باسم (جرمانوس) وأقام في دير بقرب (إهدن) بلبنان، ورحل إلى أوربة، وانتخب أسقفاً على حلب سنة 1725م. له (ديوان شعر-ط) ، وله: (بحث المطالب-ط) في النحو والتصريف، و (الأجوبة الجلية في الأصوال النحوية-ط) ، و (إحكام باب الإعراب-ط) في اللغة، سماه (باب الإعراب) ، و (المثلثات الدرية-ط) على نمط مثلثات قطرب، و (بلوغ الأرب-خ) أدب.[١]

تعريف جرمانوس فرحات في ويكيبيديا

المطران جرمانوس فرحات - (1670-1732)وهو من أسرة مطر التي ارتحلت من لبنان من قرية حصرون في لبنان إلى حلب . وقد كان من الذين وضعو أساس النهضة في الشرق فكان شديد الاتصال بثقافة الغرب يعرف من اللغات العربية، الإيطالية، اللاتينية والسريانية، كما كان متضلعاً من المنطق والفلسفة وعلوم العرب والتاريخ الخاص والعام فضلاً عن العلوم الاهوتية، وكان له أيضاً مشاركات في علوم أخرى كالطب والكيمياء والفلك والطبيعيات . رحل إلى روما سنة 1711 ومنها إلى إسبانيا حيث تفقد ما بقي من آثار العرب وحصل على بعض المخطوطات وقفل سنة 1712 عائداً إلى لبنان ولما كان اسقفاً على حلب أنشأ مكتبة تعرف بالمكتبة المارونية وفيها بعض المخطوطات العربية النفيسة. وقد ترك من المؤلفات ما يزيد عن المئة في النحو، الإعراب، اللغة، العروض، الأدب، المنطق والفلسفة ومن كتبه المشهورة «بحث المطالب» في الصرف والنحو الذي لطالما تكرر طبعه وظل معتمداً في المدراس حتى العهد القريب .[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. جرمانوس فرحات - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي