هجرت فعطف الغصن لم يتأود

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة هجرت فعطف الغصن لم يتأود لـ ابن الحاج النميري

اقتباس من قصيدة هجرت فعطف الغصن لم يتأود لـ ابن الحاج النميري

هَجَرْت فَعِطْفُ الغُصْن لَمْ يَتَأَوَّدِ

بِنَجْدٍ وَخَدُّ الوَرْدِ لَمْ يِتَوَرَّدِ

وَلاَ الْتَفَتَتْ فِي الأَرْضِ مُقْلَةُ نَرْجِسٍ

وَلاَ اكْتَحَلَتْ مِنْ فَيْئَتَيْهِ بِإَثْمِدِ

وَلاَ ابْتَسَمَتْ لِلزَّهْرِ فِيهِ مَبَاسِمٌ

لَهَا شَنَبٌ مِنْ طَلِّهَا المُتَزَيِّدِ

وَلاَ جُرَّ ذَيْلُ الآسِ فِي مَلْعَبِ الصّبَا

عَلَى شِبْهِ دُرٍّ بَيْنَ شِبْهِ زَبْرَجَدِ

وَلاَ زُرَّ جَيْبُ الغَيْمِ فَوْقَ حَدِيقَةٍ

تَضُوعُ الشَّذَا النَّدِّيَ مِنْ تُرْبِهَا النَدِي

وَلاَ انْفَضَّ مَجْرَى النَّهْرِ عَنْ ذَوْبِ فِضَّةٍ

تُمَوِّهُهَا كَفُّ الأَصِيلِ بِعَسْجَدِ

عَسَى زَوْرَةٌ يَا سَاكِنَ الجَزْعِ إِنَّ لِي

إِلَى الجَزْعِ أَشْوَاقاً تَرُوْحُ وَتَغْتَدِي

وَلِي زَفْرَةٌ لَوْلاَ دَوَامُ الْتِظَائِهَا

لَقُلْتُ وَمِيضُ الْبَرْقِ لِلْمُتَوَقِّدِ

وَطَائِرُ قَلْبٍ لاصْطِبَارِي مُغَرِّبٌ

بِطَائِرِ غُصْنٍ لاصْطِبَاحِي مُغَرِّدِ

وَلَفْحُ غَرَامٍ فِي صَفَاءِ مَدَامِعٍ

كَمَا انْطَبَعَتْ شَمْسٌ بِحَدٍّ مُهَنَّدِ

نَسِيتُ وَلاَ أَنْسَى العُذَيْبَ وَنَاهِداً

تَصِيخُ أَمَامَ الْحَيِّ لِلْمُتَنَهِّدِ

لَيَالِيَ جَاذَبْتُ الشَّبَابَ أَرَاكَةً

تظِلُّ مَنَ اللَّذَاتِ أَعْذَبَ مَوْرِدِ

وَإِذْ أَنَا فِي نُعْمٍ أُطِيلُ صَبَابَتِي

وَأَعْصِي عَذُولي في الهَوَى وَمُفَنِّدِي

وَكَمْ لَيْلَةٍ حَلَّيْتُ عَاطِلَ جِيدِهَا

بِدُرَّيْنِ مِنْ شَعْرٍ وَثَغْرٍ مُنَضَّدِ

وَفِي كَبِدِ الظَّلْمَاءِ قَدْحٌ يَفُتُّهَا

بِنَارَيْنِ مِنْ شَمْعٍ وَمِنْ وَجْدٍ مُكْمَدِ

إِلَى أَنْ شَدَتْ وُرْقُ الحَمَامِ فَنَبَّهَتْ

بِمَا أَسْمَعَتْ مِنْ شَدْوِهَا كُلَّ مُنْشِدِ

وَمَالَتْ كُؤُوسُ الشُّهْبِ حَتَّى حَسِبْتُهَا

مُسَائِلَةً عَنْ خَمْرِهَا الْمُتَبَرِّدِ

تَجُولُ بِهَا وُرْقُ الحَمَامِ كَأَنَّهَا

جَوَارِحُ ذِي هَزْلٍ وَأَفْكَارُ ذِي جِدِّ

أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي عَنْ لَيَالٍ بِحَاجِزٍ

سَقَى عَهْدَهَا مَا سَحَّتِ السُّحْبُ مِنْ عَهْدِ

لَيَالٍ يَكَادُ الأُفْقُ يَرْعُفُ أَنْفُهُ

بِمِسْكِ دُجَاهَا أَوْ بِمَا شَبَّ مِنْ نَدِّ

وَإِيهٍ عَلَى الشَّمْلِ الجَمِيعِ وَجِيرَةٍ

لَهُمْ مَا لَهُمْ مِنْ صِدْقِ حُبِّي وَمِنْ وُدِّي

تَوَلَّوْا عِشَاءً بِالخِيَامِ وَخَلَّفُوا

مَوَاقِدَهَا فِي القَلْبِ مِنِّيَّ وَالْكَبْدِ

وَقَالُوا خِيَاماً مَا تَرَى قُلْتُ بَلْ أَرَى

كَمَائِمَ رَوْضٍ لَيْتَ أَزْهَارَهَا عِنْدِي

وَلِلَّهِ سَيْرِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّهَا

مَطَافِلُ غِزْلاَنٍ تَحُومُ عَلَى وِرْدِ

وَقَدْ سُلَّ سَيْفُ الْبَرْقِ فِي رَاحَةِ الدُّجَى

فَلَم تَتَّخِذْ غَيْرَ الغَمَامَةِ مِنْ غِمْدِ

وَمَاسَتْ قُدُودُ القُضْبِ فِي حُلَلِ الصَّبَا

وَسَالَتْ دُمُوعُ الطَّلِّ فِي أوْجُهِ الوَرْدِ

فَيَا قَلْبُ لاَ تَذْهَبْ عَلَى القُرْبِ حَسْرَةً

فَأَحْسَنُ مِنْ قُرْبٍ وَفَاؤُكَ فِي بُعْدِ

وَيَا نَفْسُ لاَ يَأْخُذْ بِكِ اليَأْسُ فِي الهَوَى

مَأخِذَهُ فَالْوَصْلُ فِي عَقِبِ الصَّدِّ

وَلَيْسَ يَفُوتُ الْعَبْدَ أَمْرٌ مُغَيَّبٌ

إِذَا كَانَ ذَاكَ الأَمْرُ قُدِّرَ لِلْعَبْدِ

وَمَا ثَمَّ إِلاَّ اللَّهُ هَادٍ وَنَاصِرٌ

وَإنْ تَكُ قَدْ أَحْبَبْتَ إنَّكَ لاَ تَهْدِي

بِنَفْسِيَ رَكْبٌ أَسْكَرَتْهُمْ يَدُ السُّرَى

بِخَمْرَيْنِ مِنْ حُبٍّ قَدِيمٍ وَمِنْ جَهْدِ

صَوَادِعُ أَكْبَادِ الفَلاَةِ بِأَيْنُقٍ

تَرَاخَتْ بُرَاهَا بِالذَّمِيلِ وَبِالوَخْدِ

وَلانَتْ ظُهُوراً حِينَ مَدَّتْ رِقَابَهَا

فَكَانَتْ حُرُوفَ اللِّينِ لاَشَكَّ وَالْمَدِّ

وَلَمْ أَنْسَهُمْ لَمَّا تَهَاوَوْا وَعَرَّسُوا

كَسِرْبِ القَطَا حَامَتْ عَلَى مَوْرِدٍ ثَمْدِ

وَمَا جَدَّدُوا لِلْقَلْبِ شَوْقاً وَإِنَّمَا

أَكَبُّوا يُطِيرُونَ الشَّرَارَ عَنِ الزَّنْدِ

وَمِمَّا شَجَانِي وَالشَّجَا يَبْعَثُ الشَّجَا

نَسِيمٌ عَلِيلٌ كَادَ يَشْكُو مِنَ الْفَقْدِ

وَأَرَّقَنِي مِنْ جَانِبِ الرَّمْلِ سَاجِعٌ

طَرُوبٌ إِذَا هَزَّتْ صَباً أعْطُفَ الرَّنْدِ

طَوَيْتُ لَهُ قَلْبِي عَلَى الشَّوْقِ ضَلَّةً

وَمَا خِلْتُ أَنَّ الشَّوْقَ مِنْ قَبْلِهِ يُعْدِي

وَقَدْ كَانَ عُطْلاً جِيدُ كُلِّ غَرَارَةٍ

فَلَمْ يَتَّخِذْ غَيْرَ المَدَامِعِ مِنْ عِقْدِ

رَعَى اللَّهُ فِي أَكْنَافِ طِيبَة رَوْضَةً

وَحَيَّا بِذَيَّاكَ الحِمَى سَاكِنَ اللَّحْدِ

نَبِيٌ قَؤُولُ الصِّدْقِ يُرْشِدُ لِلْهُدَى

رَسُولٌ صَدُوقُ القَوْلِ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ

صَرِيحٌ نَمَتْهُ الْغُرُّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ

وَأَحْمَدَهُ نَيْلَ العُلاَ شَيْبَةُ الْحَمْدِ

وَقَدْ أَنْجَبَتْهُ أَزْهُرُ الْمَجْدِ أَزْهَراً

كَرِيماً كَرِيمَ الخَالِ وَالأَبِ وَالجَدِّ

لِمَوْلِدِهِ نِيرَانُ فَارِسَ أُخْمِدَتْ

فَعُطِّلَ مِنْهَا كُلُّ أَفْيَحَ مُسْوَدِّ

وَغَاضَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ حَتَّى لَقَدْ شَكَا

بِحَرٍّ كَمَا تَشْكُو المَوَاقِدُ مِنْ بَرْدِ

وَإِيوَانُ كِسْرَى وَهْوَ ذَاكَ وَمُلْكُهُ

كِلاَ الشَّامِخَيْنِ اسْتَشْعَرَا الإِذْنَ بِالحَدِّ

وَلِلْجِنِّ طَرْدٌ عَنْ مَقَاعِدِ سَمْعِهَا

بِكُلِّ شِهَابٍ لاَ يَمَلُّ مِنَ الطَّرْدِ

وَشُقَّ لَهُ الْبَدْرُ الَّذِي كَانَ قَدْ حَكَى

سِوَارَ لُجَيْنٍ مُسْتدِيراً عَلَى زَنْدِ

وَسَالَتْ بِعَذْبِ المَاءِ مِنْهُ أَصَابِعٌ

تَكَادُ تُرَوِّي باطِنَ الحَجَرِ الصَّلْدِ

وَعُكَّاشَةٌ أَعْطَاهُ غُصْناً فَعَادَ إِذْ

تَنَاوَلَهُ سَيْفاً صَقِيلاً مِنَ الهِنْدِ

وَأَضْفَتْ عَلَيْهِ الظِّلُّ كُلَّ غَمَامَةٍ

تُنِيرُ لِمُسْتَجْلٍ وَتَسْخُو لِمُسْتَجْدِ

وَعَيْنُ أَبِي السِّبْطَيْنِ بِالتَّفْلِ قَدْ شَفَى

وَكَانَ لَهَا التَّبرِيحُ فِي الأَعْيُنِ الرُّمْدِ

وَلَمَّا دَعَا بِالْغَيْثِ لَبَّاهُ مُتْحِفاً

بِنَوْرٍ وَنُورٍ ذَاكَ يُهْدَى وَذَا يَهْدِي

وَكَانَ لَهُ مِنْ مُعْجِزَاتٍ سَوَاطِعٍ

تَجِلُّ عَنِ الحَصْرِ المُوَاصَلِ وَالعَدِّ

وَأَعْظَمُهَا القُرْآنُ لاَ شَكَّ إِنَّهُ

لَبَاقٍ مُحِيلُ الشَّكِّ وَالقَوْلِ بِالْجَحْدِ

تَحَدَّى بِهِ أَهْلَ الفَصَاحَةِ مَعْجِزاً

فَمَا كَانَ جَهْلاً كُفْرُهُمْ بَلْ عَلَى عَمْدِ

رَسُولٌ أَتَى لِلْخَلْقِ أَجْمَعَ رَحْمَةً

وَأَنْجَحَ قَصْدَ المُبْتَغَى أَحْسَنَ الْقَصْدِ

وَآَدَمُ بَيْنَ الطِّينِ وَالمَاءِ كَان قَدْ

أُقِيمَ نَبِياً جَلَّ فِي الفَضْلِ عَنْ نِدِّ

وَأَيُّ شَفِيعٍ لِلْكُرُوبِ مُفرِّجٍ

إِذَا قِيلَ يَوْمَ الحَشْرِ يَا أَزْمَةُ اشْتَدِّي

وَلَنْ يَدْخُلَ النَّارَ امْرُؤٌ كَانَ بِاسْمِهِ

مُسَمًّى وَلَكِنْ دَارُهُ جَنَّةُ الْخُلْدِ

كَمِثْلِ أَمِيرِ المُسْلِمِينَ مُحَمَّدٍ

أَجَلِّ بِني نَصْرٍ وَخَيْرِ بَنِي سَعْدِ

إِمَامٌ أَطَاعَ الشَّرْقُ وَالغَرْبُ أَمْرَهُ

وَلَيْسَ لأَمْرٍ شَاءَهُ اللَّهُ مِنْ رَدِّ

وَعَمَّ الوَرَى دَفْعاً وَنَفْعاً كِلَيْهِمَا

فَلَيْلُ الرَّدَى يُخْفِي وَصْبْحُ الهُدَى يُبْدِي

وَمَهْمَا تَلَى أَوْ يَتْلُوَ فِي الحَرْبِ قِرْنُهُ

فَآيَاتُهُ وَالدِّرْعُ مُحْكَمَةُ السَّرْدِ

مُزِيرُ بَنِي الهَيْجَاءِ كُلَّ كَتِيبَةٍ

تُضَلِّلُ كَيْدَ القَادِرِينَ عَلَى حَرْدِ

وَأَرْعَنَ كَالبَحْرِ الخِضَمِّ تَخُوضُهُ

سَفَائِنُ لَكِنْ مِنْ مُضَمَّرَةٍ جُرْدِ

حَقِيقَةَ مَعْنَى الْفَتْكِ عَرَّفَ سَيْفُهُ

وَلاَ غَرْو لِلتَّعْرِيفِ إِنْ صَحَّ بِالحَدِّ

وَلَمْ يُلْهِهِ نَهْدٌ عَلَى الصَّدْرِ عِنْدَمَا

تَحَمَّلَ مِنْهُ الطِّرْفُ صَدْرَاً عَلَى نَهْدِ

لَهُ الهَضْبَةُ الشَّمَاءُ فِي آلِ يَعْرُبٍ

وَبُحْبُوحَةُ المَجْدِ الْمُؤَثِّلِ فِي الأزْدِ

مِنَ العَرَبِ الْغُرِّ البِهَالِيلِ أَخْفَرُوا

بِأَسْيَافِهِمْ مَا كَانَ لِلدِّرْعِ مَنْ عَهْدِ

كِرَامُ بَنِي زَيْدِ بْنِ كَهْلاَنَ قَادَةٌ

طَوَالَعُ أَنْجَادِ الأَصَالَةِ وَالْمَجْدِ

غَدَتْ وَرْدَةً مِثْلَ الدِّهَانِ هِضَابُهُمْ

لِكَثْرَةِ شَبِّ النَّارِ بِالعَنْبَرِ الوَرْدِ

فَهُمْ مَا هُمُ وَالسُّمْرُ تُشْرَعُ فِي الوَغَى

صُدُوراً بِهَا مَا بِالصُّدُورِ مِنَ الحِقْدِ

وَهُمْ مَا هُمْ وَالْمَحْلُ فِي الأُفْقِ ضَارِبٌ

بِأَرْوَاقِهِ فِي أَوْجُهِ الْبَرْقِ وَالرَّعْدِ

ذُؤَابَةُ مَجْدٍ مِنْ سُلاَلَةِ خَزْرَجٍ

بَنُو الْحَسَبِ الوَضَّاحِ وَالشَّرَفِ الْعَدِّ

لَهُمْ خَلَفٌ أَلْفَوْهُ فِي الْخُبْرِ مِثْلَهُمْ

وَلاَ غَرْوَ فَالأَشْبَالُ فِي الخُبْرِ كَالأُسْدِ

وَإِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَخَيرُ مَنْ

يَدِينُ بِتَقْوَى اللَّهِ في الحَلِّ وَالْعَقْدِ

وَأَرْعَفَ أَنْفَ الصُّبْحِ كَثْرَةُ شَمِّهِ

لِمِسْكِ الدُّجَى حَتَّى رَمَى الْمِسْكَ مِنْ يَدِ

وَقَدْ هَمَلَتْ وُطْفُ السَّحَابِ كَأَنَّهَا

مَدَامِعُ عَيْنِي أَوْ نَوَالُ مُحَمَّدِ

سَمِيُّ رَسُولِ اللَّهِ وَالمَلِكُ الَّذِي

لَهُ شَادَتِ الأَنْصَارُ أَشْرَفَ مَحْتَدِ

إِمَامُ الهُدَى الْمَنْصُورُ والبَطَلُ الَّذِي

بِهِ الأُسْدُ أُسْدُ الغَابِ فِي الوَثْبِ تَقْتَدي

سَلِيلُ أَبِي الحجَّاجِ أَكْرَم مُسْعِفٍ

بِأَكْرَمِ مَا يُرْجَى وَأَعْظَم مُسْعِدِ

مِنَ الرَّاكِضِينَ الخَيْلَ تَزْحَفُ لِلْوَغَى

سِرَاعاً كَأَمْثَالِ النَّعَامِ المُشَرَّدِ

صَوَاهِلَ غُرًّا لَمْ تَزَلْ مُنْذُ مُجِّدَتْ

تُنَقِّبُ عَنْ يَوْمٍ أَغَرَّ مُمَجَّدِ

ذُؤَابَةُ مَجْدٍ فِي الصَّرِيِح تَأَثَّلُوا

فُرُوعَ المَعَالِي بَيْنَ مَثْنَى وَمَوْحِدِ

سَرَاةُ بَنِي كَهْلاَنَ قَرَّتْ كُهُولُهُمْ

وَشُبَّانُهُمْ وَالشِّيْبُ في خَيْرِ مصْعَدِ

هُمُ القَوْمُ أَمَّا مَنْ حَصُوْا فَهْوُ غَالِبٌ

عِدَاهُ وَأَمَّا مَنْ هَدَوْا فَهْوَ مُهْتَدِي

وَهُمْ مَا هُمُ وَالْخَيْلُ تَرْدَى كَأَنَّهَا

سَفَائِنُ فِي بَحْرٍ مِنَ النَّقْعِ مُزْبِدِ

أَمِيرٌ حَوَى المُلْكَ الرَّفِيعَ وَدُونَهُ

مَقَامٌ لَهُ الْحَرْبُ الْعَوَانُ بِمَرْصِدِ

فَبَأْسٌ كَلَفْحِ الْبَرْقِ فِي قَلْبِ مُعْتَصٍ

وَجُودٌ كَسَفْحِ الْغَيْثِ فِي كَفِّ مُجْتَدِ

وَمَا كُلُّ مَنْ سَلَّ السّيوفَ بِضَارِبٍ

وَمَا كُلُّ مَنْ هَزَّ الرِّمَاحَ بِمُقْصِدِ

حَيَاةٌ لِمَظْلُومٍ وَمَوْتٌ لِظَالِمٍ

وَبُشْرَى لِمُعْتَدٍّ وَوَيْلٌ لِمُعْتَدِ

يَلَذُّ نَدَاهُ بَعْدَ إِرْهَابِ بَأْسِهِ

كَمَا لَذَّ نَوْمٌ بَعْدَ طُولِ تَسَهُّدِ

وَتَرْضَى رِمَاحُ الْخَطِّ حَطْمَ قُدُودِهَا

إِذَا هَزَّهَا لِلطَّعْنِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ

وَيَحْسُنُ فِي سَمْعِ الْحُسَامِ ضِرَابُهُ

كَمَا تَحْسُنُ الأَمْدَاحُ فِي سَمْعِ سَيِّدِ

نَمَاهُ لِنَصْرِ الدِّينِ نَصْرٌ وَقدْ حَوَى

عَنِ الْجَدِّ سَعْدٍ أَيَّ سَعْدٍ مُجَدَّدِ

لَكَ اللَّهُ مَا أَزْكَى مَنَاقِبَكَ الَّتِي

تَبَوَّأْتَ مِنْهَا فِي الْجَنَابِ الْمُمَهَّدِ

وَمَا الْفَضْلُ إِلاَّ مَا حَوَيْتَ وَإِنَّهُ

لَعَنْ أَمْجَدٍ سَامِي الْعَلاَءِ فَأَمْجَدِ

صَدَعْتَ بِشَمْسِ الْعَدْلِ فِي مَشْرِقِ الْهُدَى

وَأَرْشَدْتَ مِنَّا لِلتُّقَى كُلَّ مرْشِدِ

وَقُمْتَ بِأَمْرٍ كَانَ فَرْضاً عَلَيْكَ أَنْ

تَقُومَ بِهِ رُحْمَى لِكُلِّ مُوَحِّدِ

وَأَذْهَبْتَ عَنَّا فِتْنَةً جَاهِلِيَّةً

لَهَا فِي حَشَى الإسْلاَمِ أَيُّ تَوَقُّدِ

وَقَدْ كُنْتَ أَوْحَشْتَ الْبِلاَدَ وَأَهْلَهَا

وَأَذْكَرْتَ حُسْنَ الْعَهْدِ فِي كُلِّ مَعْهَدِ

وَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا لِبُعْدِكَ وَاغْتَدَتْ

مُرَدِّدَةً ذِكْرَ الْحَنِينِ الْمُرَدَّدِ

إِلَى أَنْ أَرَانَا اللَّهُ غُرَّتَكَ الَّتِي

جَلَتْ كُلَّ بُشْرَى فِي مَطَالِعِ أَسْعُدِ

وَكُنْتَ كَمِثْلِ الرُّوحِ عَادَ لِجِسْمِهِ

وَكَالنَّوْمِ وَافَى الْعَيْنَ بَعْدَ تَسَهُّدِ

هَنِيئاً لِهَذَا الْقُطْرِ مَقْدَمكَ الَّذِي

بِهِ نِلْتُ آمَالِي وَبُلِّغْتُ مَقْصِدِي

وَبُشْرَى الْوَرَى طُرّاً بِبَيْعَتِكَ الَّتِي

غَدَتْ رِفْقَ مُولٍ لِلْجَمِيلِ وَمُشْهِدِ

هَنِيئاً لِهَذَا الدِّينِ بَيْعَتكَ الَّتِي

جَلَتْ كُلَّ بُشْرَى فِي مَطَالَعِ أَسْعُدِ

وَخَصَّتْكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ

فَمَا شِئْتَ مِنْ غَيْبٍ كَرِيمٍ وَمَشْهَدِ

وَقَدْ رُعْتَ دِينَ الْكُفْرِ مِنْكَ بِعَزْمَةٍ

سَتُودِعُ أَلْحَادَ الرَّدَى كُلَّ مُلْحِدِ

وَجُدْتَ بِمَا جَمَّعْت لاَ الْجُودُ مُوكِسٌ

وَمَا النَّيْلُ بَعْدَ العَوْدِ يَوْماً بِمُبْعَدِ

وَما أَصْلَحَ الْعَلْيَاءَ وَالْمَجْدَ مُصْلِحٌ

لأَمْوَالِهِ يَوْمَ النَّدَى غَيْرُ مُفْسِدِ

أَقُولُ لِحَادِي الْعِيسِ وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ

بِأَكْوَارِهَا فِي كُلِّ قَفْرٍ وَفَدْفَدِ

وَقَدْ أَجْهَدَتْ عُوجَ الرِّكَابِ لِبَانَةٌ

ثَنَتْ كُلَّ صَبْرٍ دُونَهَا وَتَجَلُّدِ

وَرَاءَكَ عَنْ كُلِّ الْمُلوكِ وَعُجْ بِهَا

لأحْمَدِ مَلْكٍ سَاسَ أُمَّةَ أَحْمَدِ

وَأَمِّلْ أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ مُحَمَّداً

تَجِدْ خَيْرَ مَأْمُولٍ وَأَكْرَمَ مُنْجِدِ

أَمَوْلاَيَ حُبِّي مَا عَلِمْتَ وَإِنَّهُ

لأَكْرَمُ حُبٍّ بِالْخُلُوصِ مُؤَكَّدِ

وَأَمَّا مَدِيحِي فِي عُلاَكَ فَأَوْحَدٌ

يُقَدِّمُهُ صِدْقُ الرَّجَاءِ لأَوْحَدِ

فَعُدْ لِي بِمَا عَوَّدْتَ قَبْلُ مُوَاصِلاً

رِضَاكَ وَأحْمِدْ سَعْيَ عَبْدِكَ تُحْمَدِ

وَدَعْ عَنْكَ مَا قَالَ الْعدُوُّ فَإِنَّهُ

بِفَاسٍ أَتَى بِالزُّورِ فِعْلَ تَعَمُّدِ

وَتَضْيِيعِ أَوْقَاتٍ بِمَا لاَ أَعُدُّهُ

لِيَوْمِ مَعَادِي وَالمَقَالِ الْمُرَدَّدِ

ضَلِلْتُ عَلَى عِلْمٍ وَلَوْ كُنْتُ جَاهِلاً

لَمَا قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ كَالْمُتَعَمِّدِ

فَكُنْ لِي أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى التُّقَى

مُعِيناً وَأحْمِدْ سَعْيَ عَبْدِكَ تُحْمَدِ

وَجُدْ لِلَّتِي يُنْمَى لِمِثْلِكَ مِثْلُهَا

صَنِيعَةَ مَوْلىً لِلْجَمِيِل مُعَوِّدِ

بَقِيتَ بَقَاءَ الدَّهْرِ فِي خَيْرِ دَوْلَةٍ

يُقَصِّرُ عَنْهَا الْيَوْمُ فِي النَّصْرِ عَنْ غَدِ

وَلاَ زِلْتَ فِي غَزْوٍ وَفَتْحٍ مُوَاصَلٍ

وَسَعْدٍ وَإِسْعَادٍ وَمُلْكٍ مُشَيَّدِ

رَمَانِي بِدَاءِ وَهْوَ وَاللَّهِ دَاؤُهُ

وَإِنْ يُسْأَلِ الحَقُّ الَّذِي بَانَ يَشْهَدِ

وَكُلُّ الَّذِي زَكَّاهُ فِي الغَرْبِ حَاسِدٌ

مَتَى نِلْتُ خَيْراً مِنْكَ مَوْلاَيَ يَكْمَدِ

وَإِنِّي لَرَاجٍ أَنْ يَخِيبَ احْتِيَالُهُمْ

فَعَادَةُ رَبِّي أَنْ يُخَيِّبَ حُسَّدِي

وَمَا لِيَ فِي غَيْرِ الْعِبَادَةِ مَقْصِدٌ

وَأَنْتَ أَيَا مَوْلاَيَ تُنْجِحُ مَقْصِدِي

وَقَدْ حَدَّثَتْنِي النَّفْسُ أَنَّكَ مُسْعِفِي

بِتَبْليغِ آمَالِي وَأَنَّكَ مُسْعِدِي

نَدِمْتُ وَعَادَ الْهَزْلُ جِداً وَإِنَّنِي

لأُشْفِقُ مِنْ ذَنْبِي وَمَا كَسِبَتْ يَدِي

فَلَهْفِي عَلَى عُمْرٍ تَقَضَّى سَفَاهَةً

بِتَذْكَارِ عَهْدٍ لِلْحَبِيبِ وَمَعْهَدِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة هجرت فعطف الغصن لم يتأود

قصيدة هجرت فعطف الغصن لم يتأود لـ ابن الحاج النميري وعدد أبياتها مائة و ثلاثة و ثلاثون.

عن ابن الحاج النميري

إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم النميري، أبو القاسم، المعروف بابن الحاج. أديب أندلسي، من كبار الكتاب، ولد بغرناطة، وارتسم في كتاب الإنشاء سنة 734 ثم رحل إلى المشرق فحج وعاد إلى إفريقية فخدم بعض ملوكها ببجاية وخدم سلطان المغرب الأقصى، وانتهى بالقفول إلى الأندلس فاستعمل في السفارة إلى الملوك، وولي القضاء بالقليم بقرب الحضرة، وركب البحر من المرية سنة 768 رسولاً عن السلطان إلى صاحب تلمسان السلطان أحمد بن موسى، فاستولى الفرنج على المركب وأسروه، ففداه السلطان بمال كثير. له شعر جيد وتصانيف منها (المساهلة والمسامحة في تبيين طرق المداعبة والممازحة) ، و (تنعيم الأشباح في محادثة الأرواح) ، ورحلة سماها (فيض العباب، وإجالة قداح الآداب، في الحركة إلى قسنطينة والزاب) .[١]

تعريف ابن الحاج النميري في ويكيبيديا

إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم النميري أبو القاسم المعروف بابن الحاج (713 هـ - 768 هـ / 1313-1367م) شاعر من شعراء العصر الأندلسي.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي